الأدوية النفسية : هل يمكن أن يكون الطعام بديلًا عن الريتالين؟
أحيانًا وفي الكثيرمن المواقف ، نجد أنفسنا بحاجة إلى أن نكون بكامل التركيز والإنتباه حتى نتمكن من إنجاز بعض الأمورالمهمة، وقد نواجه بعض المصاعب حتى نتمكن من ذلك، ولذلك قد تجد بعض الأشخاص يتناولون بعض الأدوية النفسية حتى يزيد تركيزهم. يعرف علم الكيمياء التركيز على أنه وجود مكون (مادة) ما في مساحة أو مكان محدد، ويعتبر المكون (المادة) خلال هذه المقالة هو التركيزوالقدرة على أداء المهام اليومية بتركيز ووعي كامل ، وفي علم النفس يعرف التركيزعلى أنه القدرة على إعطاء شيء ما كامل إنتباهنا من دون أدنى تشتت
تعتمد وظائفنا العقلية مثل التركيز والإنتباه على مجموعة من المواد الكيمائية تسمى النواقل العصبية في الدماغ ، ويمكن أن يؤثر إختلاف مستوى المواد الكيمائية في الدماغ على قدرتنا على التركيز في العمل ومستوى الإنتاجية
يعاني الكثير من العمال ذو الخبرات والكفاءات المميزة وغيرهم ممن يؤدون أعمال تتطلب مستوى عالي من التركيز حاليًا من تحديات صعبة بسبب أنواع التشتت التي يتعرضون لها، وكما يؤدي إستخدام العديد من الأشخاص هواتفهم الذكية أثناء العمل إلى زيادة تشتيت أفكارهم، مما أدى بشكل عام إلى صعوبة الإنتباه والتركيز، وأيضًا أدى نمط الحياة السريع والمزدحم إلى تقليل من قدرتنا في البقاء بتركيز عالي وإنجاز مهامنا بمستوى مناسب من الكفاءة.
أدت العوامل المذكورة سابقًا إلى جعل العديد من الطلاب والموظفون والعمال إلى تناول بعض الأدوية النفسية للتخلص من التشتت وزيادة مستوى التركيز والإنتباه ، وتحقق هذه الأدوية فعالية عالية عند تناولها إلى أنها تعرضك إلى مجموعة خطيرة نوعًا ما من الآثار الجانبة عند تناولها ، لذلك ننصح بهذا المقال بإتباع البدائل الطبيعية لهذه الأدوية مثل تناول أنواع معينة من الطعام أو إتباع حمية غذائية تزيد من مستوى التركيز وتقلل من مستوى التشت
لدينا بعض الأخبار السارة لك، عند إختيار وتناول المكونات والعناصر الغذائية بحكمة وعناية فائقة فقد لا تحتاج أبدًا إلى تناول الأدوية النفسية مرة أخرى
كيف تؤثر الأدوية النفسية على وظائفك العقلية؟
تعرف منظمة الصحة العالمية الأدوية النفسية على أنها مجموعة من المواد تؤثر على الوظائف والعمليات العقلية عند تناولها مثل الوعي والعواطف والمزاج والتركيز، وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه 270 مليون شخص حول العالم تناولوا الأدوية النفسية في العام الماضي
يتم تطوير الأدوية بعناية فائقة ولا يتم إطلاقها للأسواق قبل إختبرها بأنها فعالة وأمنة للإستخدام البشري ، وهي مصنوعة لحل مشاكل حقيقية مثل إضطراب نقص الإنتباه وفرط النشاط والنوم القهري فهذه الأدوية صنعة خصيصًا لأولئك الذين يحتاجون إليها ، ويؤدي إستخدام هذه الأدوية بدون الحاجة إليها أو بجرعات عالية أكثر من الموصوفة لك إلى الإدمان، وفي الواقع يعاني 35 مليون شخص من أصل 270 مليون شخص تناولوا أدوية نفسية في العام السابق من إضطرابات تعاطي هذه الأدوية مثل الإدمان وتحمل الدواء (تعود الجسم على دواء معين
الريتالين “عقار الدراسة” ، هل يجب أن أتناولهُ؟
ميثلفنيدات أو ريتالين كما هو معروف تجاريًا ، وهو دواء يطلق عليه عادةً “عقار الدراسة” وهو منشط الجهاز العصبي المركزي ، ويتم إستخدامه لعلاج إضطراب نقص الإنتباه وفرط الحركة والنوم القهري ، وعند تناوله تحت إشراف طبي وبجرعات علاجية فأنه لا يسبب أي إدمان، وإلا أن إستخدامات بعض الأشخاص كالعمال والطلاب المجهدين الخاطئة للريتالين مثل تناوله بجرعات زائدة وبطريقة غير منظمة لرفع مستوى التركيز واليقظة العقلية والوعي أثناء أداء مهامهم أدى إلى وقوعهم بعدة مشاكل أهمها الإدمان.
عند تناول هذا الدواء لفترة طويلة يمكن أن تؤدي إلى الأدمان ، وذلك من خلال أن الريتالين يسبب و يؤثر بسلسلة من العمليات التي تؤدي في النهاية إلى زيادة مستويات الدوبامين خارج الخلية في العقد القاعدية، ويعزز الدوبامين خارج الخلية الإشارات العصبية الخاصة بالمهمة ويقلل من مستوى التشتت ويزيد من مستوى التحفيز وكل ذلك بالنهاية يؤدي إلى زيادة الإنتباه و التركيز ، وكما يحسن من مستوى الأداء ويزيد من مستوى الإدراك للمهمة
يعتاد الدماغ على تناول هذا العقار أو هذه المواد الكيميائية وعلى السعادة التي تمنحها هذه المواد ، ومع الزمن تصبح قدرتك على الأداء والإحتفاظ بمستوى معين من التركيز يعتمد على تناول هذا الدواء، ويؤدي أيضًا إلى الإدمان مما يضطر الشخص إلى تناول جرعات أعلى حتى تمنحه نفس التأثير الذي إعتاد عليه عند تناول جرعات أقل ، وعندما يخفض الشخص الجرعة بشكل كبير ومفاجئ أو يتوقف عن أخذ الدواء فجأة يؤدي ذلك إلى تعرض الشخص إلى أعراض الإنسحاب مثل الأكتئاب، وفي بعض الحالت يمكن أن توصف الأدوية النفسية لأسباب صحية وغير صحية مثل إضطراب نقص الإنتباه وفرط الحركة.
تحتوي بعض المواد الغذائية على مواد كيمائية تساعد على زيادة مستوى التركيز لأولئك الذين يبحثون عن زيادة مستوى تركيزهم فتعتبر من البدائل الجيدة لبعض الأدوية النفسية
تتوفر بعض المكونات الغذائية الغنية بالدوبامين، وننصح بقراءة مقالنا السابق حيث ناقشنا فيه تأثير أنواع مختلفة من الكربوهيدرات على صحتك العقلية والجسدية وتبين أن وجبة الإفطار غنية بالكربوهيدرات التي تحتوي على مستويات عالية من الدوبامين
على مستوى تركيزك( DHA)أهمية حمض الدوكوساهكساينويك
إن إعتماد بعض الأشخاص على الأدوية النفسية ليس هو الحل المناسب لمشاكل الإنتباه والتركيز، وغالبًا ما تمنح هذه الأدوية نتائج فورية وآثار جانبية مخفية طويلة الأمد ، لذلك يفضل تناول أطعمة صحية بديلة لمثل هذه الأدوية ما لم يخالف طبيبك ذلك
يتكون الدماغ من كميات كبيرة من الأحماض الدهنية، لذلك علينا إتباع حمية غذائية تحتوي على الأحماض الدهنية لتمنح الجسم هذه الأحماض، ويعتبر حمض الدوكوساهكساينويك من أكثر الأنواع الدهون وفرة في الدماغ وهو ضروري لوظيفة ونمو الأنسجة العصبية، ويرتبط إنخفاض مستوى حمض الدوكساهكساينويك بإضطربات نمو الدماغ لدى الأطفال والرضع، ويشكل الحمض الدهني أوميجا3 دورًا رئيسيًا في الوظائف المعرفية مثل الذاكرة ، والتركيز والإنتباه والسلوك لدى كل من الأطفال والبالغين
تعتبر المصادر الغذائية الغنية بالأحماض الدهنية ضرورية للدماغ السليم ، وتشمل المأكولات البحرية و أنواع معينة من الأسماك مثل سمك السلمون ، ومصادر أخرى كالدواجن والبيض، كما أن بعض الأطعمة غنية بشكل خاص بالمكونات الصحية مثل أحماض الدهنية أوميجا3 وفيتامين ب ومضادات الأكسدة المهمة لتحسين صحة الدماغ ، ويؤدي إتباع حمية غذائية تتدمج مختلف مكونات الأطعمة الصحية بشكل منتظم إلى تحسين صحة الدماغ مما ينعكس على أداء الوظائف العقلية بشكل أفضل
بعض العناصر الغذائية التي تزيد من مستوى التركيز:
القهوة
تعتبر مادة الكافيين المادة ذات التأثير النفسي الأكثر إستخدامًا في العالم وإحدى أهم المنبهات للدماغ ، وتحتوي القهوة على كمية كبيرة من الكافيين، وقد أثبت العلماء أن شرب القهوة يمكن أن يكون مفيدًا لصحة الدماغ وكما يساعد على زيادة مستوى التركيز ، وكما تشير بعض الدرسات الجديدة أن القهوة تحمي الدماغ من تدهور الوظائف العقلية، ويمكن أن يؤثر شرب القهوة بفوائد ومخاطر على الصحة ، ولكن الفوائد الصحية لإستهلاك القهوة بشكل معتدل يفوق بوضوح المخاطر المحتملة لها، بالإضافة أيضًا إلى أهمية الكافيين في حماية الدماغ من ضعف الإدراك وكما يحمي من إنخفاض القدرات المعرفية المرتبطة بالعمر ويعزز مهارات التفكير والإنتباه.
الجوز (عين الجمل)
يؤدي تناول الجوز إلى تحسين مقاييس الوظائف المعرفية ، وخاصةً للأشخاص البالغين وأظهرت الدراسة أن تناول حفنة من الجوز يوميًا أدى إلى تحسين أدائهم في إختبارات الذاكرة والتركيز وسرعة معالجة المعلومات ، وفي دراسة أخرى أفاد الباحثون أن تناول الجوز يؤثر على صحة الدماغ بشكل عام ويقلل من من ضعف الإدراك ، وكما أظهرت بعض التجارب على الفئران تنالوا الجوز لفترة معينة أدى إلى إبطاء أو منع تطور مرض الزهايمر لديهم .
يتميز الجوز بإحتوائه على الفيتامينات والمعادن المختلفة ونسبة عالية من مضادات الأكسدة ، ويعتبر الجوز المادة الغذائية الوحيدة التي تحتوي على كمية كبيرة من حمض ألفا لينولينيك وهو حمض أوميغا3 الدهني النباتي الذي له فوائد صحية مميزة لعمل القلب والأوعية الدموية ويعزز وظائف الدماغ، وكما يتحول جزء منه إلى حمض الدوكساهكساينويك في الجسم الذي له فوائد مهمة للذاكرة والتركيز تم ذكرها سابقًا.
حمض أوميغا 3 الدهني
تعتبر أحماض أوميغا 3 الدهنية إحدى أنواع الدهون الصحية المهمة لأغشية خلايا الدماغ ، ولا يستطيع الجسم إنتاج أوميغا3 بنفسه لذلك يجب إدخاله في حميتك الغذائية، فعندما يعاني الشخص من نقص اوميغا3 يمكن أن يؤثر على قدرته على التركيز،وجدت دراسة مدتها خمس سنوات نشرت على موقع على الإنترنت أن الأشخاص الذين تناولوا وجبة واحدة على الأقل في الأسبوع تحتوي أحماض أوميغا3 الدهنية كان أدائهم أفضل في إختبارات مهارات التفكير خلال فترة هذه الدراسة، وكما لوحظ تحسن في الرؤية البصرية ومستوى التركيز العقلي مقارنةً بجموعة من الأشخاص الذين تناولوا أقل من وجبة واحدة تحتوي على حمض اوميغا3 الدهني في الأسبوع، فأحماض أوميغا3 الدهنية ليست مهمة لوظائف الدماغ فحسب بل تم ربط إنخفاض حمض أوميغا3 الدهني في الجسم بتراجع وظائف الإدراك للأشخاص المصابين بمرض الزهايمر.
التوت
يعتبر التوت مصدر غني بالفلافونيد ( مركبات صبغة نباتية ) ومن المعروف أن هذه الصبغة لها خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للإلتهابات ومضادة للطفرات ومضادة للسرطان، وكما ثبت أن الفلافونيدات تمنع إنتاج أميلويد بيتا في مرض الزهايمر
ملاحظة : بروتين أميلويد بيتا يعتبرالمسبب الرئسي لمرض الزهايمر
الفطر
أظهرت نتائج دراسة حديثة أن تناول الفطر قد يعزز الصحة الإدراكية ويقلل من التأكل العصبي ( التحلل التعصبي) ، ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا أكثر من وجبتين أسبوعيًا من الفطر ساهم ذلك بتقليل من خطر ضعف وظائف الإدراك المعرفي لديهم بنسبة 50%، وشملت الدراسة عدة أنواع مثل الفطر الذهبي وفطر المحار وفطر الشيتاكي، وفطر الزر الأبيض، والفطر المجفف والمعلب ، وكما أعتقد الباحثين بأن الأنواع الأخرى من الفطر قد تنتج تأثيرات مشابهة ، وذلك بفضل مركب معين هو أرجوثيونئين موجود بجميع الأصناف تقريبًا
يعتقد بعض الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من نقص الإجوثيونئين قد يكون لديهم خطر أعلى للإصابة التأكل العصبي ، فإن تناول المزيد من الفطر الذي هو مصدر رئيسي للإرجوثيونئين يعزز من الصحة الإدراكية
الشوكلاته الداكنة
تساعد مركبات الفلافونويد الموجودة في الشوكولاته الداكنة على حماية الدماغ عن طريق ضم مناطق الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة، وتشير الدراسات إلى أن تناول الشوكولاته الداكنة يمكن أن يعزز الذكرة والحالة المزاجية
لكن هذا ليس كل شيء، فهناك عناصر غذائية أخرى يمكنها تعزيز ورفع مستوى التركيز مثل
تختلف إحتياجات الغذائية للدماغ مقارنةً بأعضاء الجسم الأخرى، فالدماغ بحاجة لمركبات غذائية محددة لتكوين النواقل العصبية وغشاء الخلية للخلايا العصبية وغلاف المايلين ، فهذه المركبات مهمة حتى يحافظ الدماغ على عمله
فيما يلي بعض العناصر الغذائية المهمة ومصادرها
مضادات الأكسدة : تتواجد في الخضروات الخضراء والقهوة والشاي الأخضر والبرتقال والمكسرات والشوكولاته الداكنة.
أوميغا 3 والأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة: توجد في الأسماك الدهنية والأفوكادو والجوز والكسرات الأخرى
الكافيين: موجود في القهوة والشاي الأخضر
مركبات الفلافونويد : توجد في الشوكلاته الداكنة والتوت
فيتامين ب6 وفيتامين ب12 : توجد في البيض
حمض الفوليك: يوجد في الخضار والبيض
يمكن أن يؤدي تناول هذه المركبات الغذائية إلى تعزيز الذاكرة وزيادة الإنتباه والتركيز كما يمكن أن يحسن الوظائف المعرفية للدماغ